اليمن الإقتصادي :

سليم البعداني

شهد مجلس النواب اليمني في العاصمة صنعاء، خلال الأيام الماضية، نقاشاً ساخناً وهجوماً  استهدف وزير الصناعة والتجارة بحكومة صنعاء، من قبل سلطان السامعي   ، لكن الأمور سرعان ما اتخذت مساراً دراماتيكياً وتحولاً ربما لم يكن ضمن حسابات السامعي وترتيباته فأخطأ التقدير والتصرف، حتى بدا كما لو أن ذلك الهجوم كان لدوافع عاطفية شخصية، فكانت النتيجة أنه وضع نفسه في موقف محرج.

لم يستطع الشيخ سلطان السامعي إثبات التهم التي وجهها لوزير الصناعة والتجارة، وكشف وزارة الصناعة والتجارة لمجلس النواب الهدف الحقيقي لمحاولة السامعي استثناء إحدى الوكالات التجارية الأجنبية من قرارات المقاطعة، رغم أنها واحدة من الشركات التي تدعم إسرائيل.  

وسائل إعلام متعددة قالت إن وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء، رفضت ضغوطات ومحاولات السامعي باستثناء منتجات شركة "نستله" من القرارات التي أصدرتها الوزارة بمقاطعة وحظر المنتجات الأمريكية والشركات الداعمة لإسرائيل، مؤكدةً رفض الوزير كل محاولات السامعي، الأمر الذي دفع بالأخير إلى تفعيل صفته البرلمانية والذهاب إلى مجلس النواب الذي هجره منذ زمن طويل، محاولاً النيل من المطهر وإدانته.

 

أخفق النائب السامعي في إدانة وزير الصناعة والتجارة، فالمطهر قدم بين يدي البرلمان براهين واضحة تثبت أن شركة "نستله" إحدى الشركات الداعمة لإسرائيل ومناهضة أيضاً للمنظمات والكيانات الغربية الداعمة لفلسطين، ورغم محاولات السامعي الدفاع عن الشركة وإقناع المجلس أنها ليست مرتبطة بإسرائيل، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، ولم يجنب نفسه الظهور في موقف محرج لا يليق بمنصبه وصفاته الاعتبارية.

في حين ذكرت مصادر مطلعة أن النائب سلطان السامعي تربطه علاقة وطيدة مع مالك شركة "شهاب" الوكيل الحصري لشركة "نستله"، الأمر الذي يفسر اندفاع السامعي للدفاع عن الشركة وتبرئتها من أن تكون داعمة لإسرائيل، ومحاولته استخدام كل ثقله القبلي ونفوذه السياسي وصفته الاعتبارية البرلمانية، لاستثنائها من قائمة الشركات المقاطعة، وهو ما يعني أن النائب تحرك بدوافع عاطفية شخصية، متجاهلاً الموقف المبدئي لحكومة صنعاء ومجلسها السياسي الأعلى الذي يعد السامعي أحد أعضائه، بشأن القضية الفلسطينية والموقف العملي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المتمثل في العمليات العسكرية التي تنفذها قوات صنعاء في البحرين الأحمر والعربي ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل، إسناداً للشعب الفلسطيني وتضامناً معه.

 

وفيما لم تظهر بعد أي تداعيات لهذ القضية، على الأقل حتى هذه اللحظة، فإن مراقبين واقتصاديين وناشطين إعلاميين رأوا أن سلطان السامعي أساء التقدير والتصرف بدوافع شخصية لا تبرر له ما حدث، معتبرين دفاعه عن شركة "نستله" ومحاولته إخراجها من قوائم الشركات المقاطعة التي أصدرتها وزارة الصناعة كجزئية مهمة من الموقف العام لحكومة صنعاء والمجلس السياسي الأعلى المؤيد والمساند للشعب الفلسطيني، محاولةً للتأثير على استقلالية القرار اليمني، من خلال رأس المال الذي لا يزال مرتبطاً بالشركات الأجنبية الداعمة لإسرائيل، مشيرين إلى أن السامعي وإضافةً إلى خيبة الأمل التي تسبب بها للجميع بموقفه المحرج، قدم وجبة دسمة لوسائل إعلام الطرف الآخر الموالي للتحالف لا تزال تلوكها حتى الآن.

وأشاروا إلى أن السامعي بدا كما لو أنه غير مدرك لأبعاد المعركة التي يأتي من ضمنها تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية للرأسمالية العالمية التي يمثل الاقتصاد الأمريكي أسوأ وجوهها.

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها وزير الصناعة والتجارة بحكومة صنعاء، محمد المطهر، لهجوم كالذي شنه السامعي أمام مجلس النواب، فقد تعرض لحملة مشابهة ساهمت فيها وسائل إعلام تابعة للتحالف وحكومة الشرعية، عقب إصداره قوائم سعرية للمنتجات الغذائية الأساسية، خلال الأعوام الأخيرة الماضية.

ورغم أن تلك القوائم السعرية خففت من معاناة المواطنين إلا أنها أثارت استياء بعض التجار الذين لم يتقبلوا أن ينقص ولو القليل من هوامش أرباحهم التي اتسعت على حساب معاناة ملايين اليمنيين، وبالتالي فقد مولوا تلك الحملات وحرصوا على أن تؤدي إلى عودة هوامش أرباحهم إلى المستويات المرتفعة التي كانت عليها، إلا أن وزارة الصناعة لم تتراجع حينها، ولا يزال الاستقرار التمويني هو السائد.