اليمن الإقتصادي :

 

تركت الخسائر التاريخية، التي مني بها سهم شركة "فيسبوك" في جلسة واحدة الأسبوع الماضي، أسئلة معلقة لدى المستثمرين حول مستقبل الاستثمار في الميتافيرس، أو الثورة التقنية المقبلة، وإذا ما كان التعويل على موجة الميتافيرس كان مبالغاً فيه، إذ تعتبر "فيسبوك" أيقونة الشركات المستثمرة في هذه التكنولوجيا.

وتشتق "ميتافيرس" من كلمتين: "ميتا" وتعني "ما وراء"، و"فيرس" تعني الكون، ويقصد بها "ما وراء الكون" أو العالم الخيالي والافتراضي. وهي باختصار تكنولوجيا جديدة تستخدم الواقع المعزز في كل المجالات، وتحول العالم الافتراضي إلى أشبه بواقع. مثلاً يمكن أن يجري أشخاص اتصالاً عبر فيديو الواقع المعزز فيشعرون كأنهم يجلس بعضهم مع بعض في الواقع.

 

"فيسبوك" وعالم "ميتا"

وكانت "فيسبوك" قد غيرت أخيراً اسمها إلى مجموعة "ميتا"، لتعطي انطباعاً بأنها ستركز عملياتها المستقبلية في هذه الثورة التكنولوجية، وبدأت عمليات الشراء من قبل المستثمرين لأسهمها بناء على هذا المستقبل المشرق.

لكن، خسائر "فيسبوك" غيرت الحسابات، فقد أوصت بنوك عالمية، مثل "غولدمان ساكس" و"سوسيتيه جنرال" ببيع أسهم "فيسبوك"، وأحد أسباب التوصية كانت بسبب الانتقال المكلف للميتافيرس الذي يحتاج الاستثمار فيه إلى سنوات طويلة.

وكانت "فيسبوك" قد استحوذت على شركة التكنولوجيا "أوكولوس في آر" المتخصصة في "ميتافيرس"، وعلى شركة "هورايزون في آر يونيفرس"، المتخصصة في الألعاب الافتراضية التي تعمل بواسطة الواقع المعزز وعبر سماعات "كويست". كما قررت استثمار مليارات الدولارات وتوظيف خمسة آلاف شخص في أوروبا خلال خمس سنوات للعمل في عالمها الافتراضي الجديد.

 

هل هي النهاية؟

لكن، هل انتهت حفلة الميتافيرس سريعاً؟ تكشف المعلومات عن أن أزمة "فيسبوك" تكمن بشكل رئيس في مكان آخر، وهي خسارتها من مشروعها "دييم" أو العملة الرقمية التي كانت تنوي "فيسبوك" إطلاقها ثم فشل المشروع، وباعته لصالح بنك سيلفرغيت مقابل 200 مليون دولار.

وفي المقابل، يلاحظ أن الشركات الكبرى في مجال الاستثمار في الميتافيرس ما زالت تعول على الصناعة. فمثلاً، استحوذت أخيراً شركة مايكروسوفت على شركة "أكتيفيجن" لألعاب الفيديو الإلكترونية بنحو 69 مليار دولار في صفقة تعتبر الأضخم تاريخياً في هذا القطاع، والهدف الأساسي من الاستحواذ هو اهتمام "مايكروسوفت" بالميتافيرس المستخدم في ألعاب الفيديو.

 

دخول عالم الألعاب الإلكترونية

كذلك فعلت شركة "أيبيك" لألعاب الفيديو الإلكترونية عندما استثمرت نحو مليار دولار لبناء مجتمعات افتراضية ضمن ألعابها وأشهرها "فورتنايت". كما دخلت هذا العالم الخيالي شركة أمازون عن طريق دمجها الميتافيرس في التسوق الافتراضي لتصور شكل الأثاث والديكور لزبائنها.

أما من ناحية الاستثمار بالأسهم، فقد أطلقت عملاق الاستثمار شركة "فيديليتي" صندوق "فيديليتي ميتافيرس" للاستثمار في الشركات، التي تركز على الميتافيرس، ولديها إيرادات تأتي 50 في المئة منها من الاستثمار بالميتافيرس.

 

دخول قوي بالعقارات

وحتى شركات العقارات دخلت هذا العالم، إذ تقدر شركة "ميتاميتركس سوليشنز" أن مبيعات العقارات عن طريق الميتافيرس وصلت إلى 500 مليون دولار في العام الماضي.

وحتى الدول تنوي التحرك في هذه الاتجاه، إذ أطلقت كوريا الجنوبية تحالف "ميتافيرس" بقيادة وزارة العلوم، يضم أكثر من 200 شركة بينها "سامسونغ".

وتقدر وحدة "بلومبيرغ أنتلجنس" أن تصل سوق الميتافيرس إلى 800 مليار دولار بحلول 2024.

 

تحديات الصناعة

لكن في المقابل، توجد تحديات ما زالت تعترض الميتافيرس، أولها الاستثمارات الضخمة المطلوبة لما بات يعرف بثورة "ما بعد الإنترنت". ويرى بنك "غولدمان ساكس" أن دخول شركة "أبل" قد يغير قواعد اللعبة في هذه الصناعة ويجعلها واقعاً.

لكن، التحدي الأكبر هو في النقص الكبير في المواهب المتخصصة في الميتافيرس، فهناك نقص كبير في هذه الصناعة يجعل آفاق نموها صعبة بالسرعة التي يعتقدها المستثمرون والمتفائلون بمستقبل الميتافيرس.