اليمن الإقتصادي :

يوما بعد آخر، وفي ظل الحرب والحصار اللذين تعاني منها اليمن للعام السادس على التوالي، يتغول شبح البطالة في البلد، منذرا بانضمام أرقام جديدة من السكان إلى طابور الباحثين عن فرصة عمل، تضمن لهم كسبا يتمكنوا به من توفير أسباب المعيشة لهم ولأسرهم، ولو في حدودها الدنيا.

وخلال ست سنوات من الحرب والحصار، الذي ألحق دمارا هائلا في البنية الاقتصادية للبلاد، وتسبب بأضرار بالغة في سوق العمل، وعطل الكثير من القطاعات الإنتاجية، قفز معدل البطالة في اليمن، من 13% في العام 2014، إلى ما يقارب 17% في العام 2019، بحسب بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو ما يعني أن ما يقارب 2 مليون شخص يقفون على رصيف البطالة، في ظل اقتصاد آخذ في التدهور مع استمرار عوامله المتمثلة بالحرب والحصار.

وتسبب قرار حكومة هادي نقل وظائف البنك المركزي اليمني إلى عدن، في انقطاع الرواتب عن موظفي الجهاز الإداري للدولة، والذين يقدر عددهم مليون و250 ألفا، إذا ما أغفلنا عشرات الآلاف من المتعاقدين والمتعاونين في كل قطاع من قطاعات الخدمة المدنية، وهو الأمر الذي ترتب عليه ترك معظم هؤلاء الموظفين لوظائفهم، وتوجههم إلى سوق العمل المنهك بسبب الظروف التي أفرزتها الحرب والحصار، للبحث عن أعمال أخرى، تمكنهم من كسب ما يساعدهم على مواجهة متطليات الحياة، في بلد يعيش أسوأ أزمة إنسانية شهدها العالم، بحسب تقارير أممية.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد من فقدوا أعمالهم بسبب الحرب التي يفصلها أقل من شهر عن تخطى عتبة عامها السابع، بات يقارب 5 ملايين شخص.

وكان الأمين العام لاتحاد نقابات عمال اليمن على بامحيسون، قد أكد في تصريحات صحفية سابقة أن عمَّال اليمن يعيشون في ظل استمرار الحرب والقتل والتدمير والحصار، ما شكل أسوأ كارثة إنسانية على الشعب اليمني والعمال والعاملات بشكل خاص، إذ تضررت مناحي الحياة كافة وتضاعفت معدلات الفقر وتدهور الوضع الاقتصادي والإنساني وتفاقمت أزمة البطالة.. مضيفا أن عمال اليمن يعيشون ظروفا قاسية ويواجهون بثبات أوضاعا مأساوية فرضت عليهم بسبب الحرب والحصار الشديد المفروض من قبل التحالف، إضافة إلى تسبب الحرب والقصف الذي طاول منشآت اقتصادية وصناعية بتعطيل الكثير من المنشآت وتسريح مئات الآلاف من الأيدي العاملة.

وحمل بامحيسون التحالف بقيادة السعودية مسؤولية تدمير القوى العاملة في اليمن، كاشفاً عن استهدافه 355 مصنعاً، والتسبب في خسارة 15 ألف عامل لفرص عملهم في القطاع النفطي فقط.

وحسب تقارير رسمية، فإن الحرب الراهنة في اليمن أدت إلى توقف العديد من الأعمال والشركات والمؤسسات الخاصة، وتعطل عمل مئات الشركات والمصانع العاملة في القطاعات الإنتاجية المختلفة، لأسباب تتعلق بالاستهداف المباشر بالغارات الجوية لطيران التحالف، أو بسبب الواقع الذي أفرزته ظروف الحرب، والقيود المفروضة على دخول المواد الأساسية والمشتقات النفطية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على حركة النقل عبر خطوط نقل الإمدادات، بسبب النقاط العسكرية، ولا سيما في مناطق سيطرة القوات التابعة لحكومة هادي والتحالف، وهو الأمر الذي تسبب بتسريح مئات الآلاف من العمال في القطاع الخاص.

وكان تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أواخر العام 2019 قد ذكر أن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ العام 2015، "تسبّبت بزيادة الفقر في البلد من 47% من السكان إلى 75%، بحسب التوقعات"

وأضاف التقرير: "إذا استمر القتال حتى عام 2022، فسيُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم، حيث يعيش 79 في المائة من السكان تحت خط الفقر، ويُصنف 65 في المائة منهم على أنهم فقراء جداً".

وأكّد ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما، أنه "لم تتسبب الحرب في جعل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم فحسب، بل أغرقته في أزمة تنموية مروعة أيضًا.. مضيفاً أن "الأزمة المستمرة تهدّد بجعل سكان اليمن الأكثر فقراً في العالم، وهو عبء لا يمكن للبلد، الذي يعاني بالفعل، تحمله".

وفي ظل الواقع المأساوي الذي فرضته ظروف الحرب والحصار، لا تزال التوقعات تشير إلى الأسوأ، في حال استمرت الحرب، في الوقت الذي لا يبدو حتى الآن أن هناك تحركات جدية لإيقافها.