اليمن الإقتصادي :

 

 

تمضي عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، لمنع السفن المرتبطة بـ إسرائيل من العبور باتجاه موانئها رداً على استمرار إطلاق النار والحصار على غزة، وهو ما يضع التساؤلات حول جدوى تكتل التحالف البحري الدولي والتكاليف التي تتكبدها واشنطن قائدة التحالف للتصدي للهجمات اليمنية. 

وزير البحرية الأمريكي كارلوس ديل تورو، قال في أحدث التصريحات التي تابعها بقش إن الولايات المتحدة أنفقت مبلغ مليار دولار على عمليات إحباط هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وأكد تورو خلال جلسة للجنة المخصصات في مجلس الشيوخ الأمريكي، أن الولايات المتحدة صرفت المليار دولار بهدف التصدي لـ130 هجوماً نفذه اليمنيون على سفن عسكرية وتجارية في منطقة الشرق الأوسط. 

---مطلوب مليار دولار إضافي:

طالب تورو النواب الأمريكيين بالموافقة على حزمة مالية لتجديد الذخائر اللازمة لمواجهة هذه الهجمات، مشدداً على أهمية توفير الذخائر للبحرية لمواجهة التحديات. 

وقال: "لدينا حالياً قرابة مليار دولار من الذخائر التي نحتاج إلى تجديدها، لذلك فإن المبلغ المنصوص عليه في الملحق الإضافي، الذي يزيد عن مليارَي دولار، يُعتبر ضرورياً لتجديد الذخائر وتعزيز الإجراءات الدفاعية التي نقوم بها خلال الأشهر الستة والنصف الماضية".

ويُنظر إلى التحالف البحري الذي تقوده واشنطن بوصفه فشل في التصدي للهجمات التي تعتبر الدول أنها أثرت على حركة 12% من التجارة العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر، وتسببت في تحول مسار سفن كثير من شركات الشحن إلى "رأس الرجاء الصالح" تجنباً للهجمات، مع تكرار التأكيد على حصر الضربات على السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل وكذلك الأمريكية والبريطانية.

ورغم أن كلاً من واشنطن و لندن سبق أن قالتا إنهما نجحتا في تقليص قدرات الحوثيين على تهديد حركة الملاحة، إلا أن قائد الحركة اليمنية عبدالملك الحوثي أكد على استمرار العمليات التي وصفها بالإسناد لغزة. 

وقال اليوم الخميس إنه "لا يمكن لأحد إيقاف عملياتنا لا بعمليات مضادة ضد اليمن ولا بحشد السفن الحربية"، داعياً الأوروبيين إلى سحب قطعهم العسكرية من البحر التي "تُدخلهم في مخاطر لصالح أمريكا"، ومشيراً إلى أن لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى إسرائيل.

وأشار إلى تنفيذ 14 عملية خلال أسبوعين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وأن إجمالي السفن المستهدفة وصل إلى 98 سفينة، مضيفاً أن عدة قطع بحرية انسحبت من البحر الأحمر بسبب العمليات المستمرة.

وكانت البحرية الأمريكية أرسلت في مارس قائمة طلبات للكونغرس بقيمة 2.2 مليار دولار للسنة المالية 2024-2025، تتضمن بنوداً من شأنها سد الثغرات التي نشأت هذا العام بسبب العمليات المتصاعدة في البحر الأحمر. 

وتشمل هذه الطلبات حسب اطلاع بقش، الاستثمار بـ403 ملايين دولار في القاعدة الصناعية للغواصات، وكذا الاستثمار بـ1.5 مليار دولار في مشاريع البناء العسكرية.

---الإدارة الأمريكية بلا خطة فاعلة:
 
كانت التدابير الأمريكية متدرجة بدءاً باعتراض الهجمات ومروراً بشن هجمات على مواقع برية في اليمن، وانتهاءً بتصنيف الحركة أمريكياً كمنظمة إرهابية عالمية، إلا أن التدابير ينظر لها كغير ناجحة في ردع هجمات قوات صنعاء، وهو ما يبرره الجانب الأمريكي بأنه يعود إلى العلاقة المتبادلة بين حكومة صنعاء و إيران. 

ويرد في التحليلات الدولية أنَّ إدارة بايدن تفتقر إلى خطة فاعلة ومؤثرة حول كيفية معالجة هذه الأزمة التي تنذر بتوسعة رقعة الصراع في المنطقة، وهو ما يتخذه الرئيس الأمريكي السابق ترامب حجةً في معركته أمام بايدن قبل انتخابات نوفمبر الرئاسية. 
وبينما كان يُنظر إلى أن الضربات الجوية على مواقع برية تابعة لقوات صنعاء ساهمت في إضعاف قدراتهم العسكرية، كرَّر مسؤولون أمريكيون في الآونة الأخيرة أنَّ تحديد العديد من أهداف تخزين الأسلحة في اليمن لم يُثن الحركة اليمنية عن التعرض للسفن الحربية والتجارية التابعة لأمريكا وبريطانيا. 
وحسب تحليل نشره المركز العربي ومقره واشنطن، فإن هجمات قوات صنعاء الانتقائية أصبحت تمثّل ظاهرة جديدة في الصراع الجغرافي الاقتصادي، وجمعت بين عاملين: الأسلحة غير المكلفة وعالية التقنية التي يمكن أن تهدد -وحتى تغرق- السفن العابرة للمحيطات والسيطرة على الأراضي الساحلية الاستراتيجية المطلة على واحدة من أكثر نقاط الاختناق البحري ازدحاما في العالم: مضيق باب المندب.

إلى ذلك ترى تحليلات دولية أيضاً أنه إذا تم التوصل لوقف إطلاق النار في النهاية، فقد تعتبر حكومة صنعاء ذلك بمثابة انتصار لها لممارستها الضغط على إسرائيل وداعميها الغربيين، في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة أنها قامت بالفعل بتطوير قدراتها التسليحية خلال هذه الفترة من معركة البحر الأحمر.