اليمن الإقتصادي :

تزايدت تعقيدات الأزمة اليمنية مؤخرا، كما تعقّد معها الوضع الإنساني والمعيشي في عموم البلاد، ففي الوقت الذي كان اليمنيون ينتظرون انفراجة تخفف عنهم ما تسببت به الحرب والحصار لثمان سنوات خلت من معاناة وأزمات متلاحقة، مركزين أنظارهم صوب المفاوضات الجارية بين صنعاء من جهة والحكومة الموالية للتحالف من جهة أخرى، علها تسفر عن اتفاق يتضمن بنودا توقف معاناتهم المعيشية وتكبح استمرار الانهيار الاقتصادي، جاءت القرارات الأخيرة لسلطة الرئاسي والحكومة التابعة له برفع تعرفة الدولار الجمركي وأسعار الوقود وتعرفة المياه والكهرباء ورسوم النقل الثقيل، لتشكل تصعيد جديدا في الحرب الاقتصادية، وصدمة لدى اليمنيين، تقوض كل أمل في الانفراج.
ويشير الاقتصاديون إلى أن القرارات التي اتخذها المجلس الاقتصادي التابع لسلطة المجلس الرئاسي وصادقت عليه حكومة معين، تنذر بكارثة على المستوى الاقتصادي عامة، وعلى المستوى المعيشي للمواطنين بشكل أكثر خصوصية، فعلاوة على ما ستسبب به من تراجع للقيمة الشرائية للعملة المحلية نتيجة ارتفاع الأسعار، فإن الارتفاعات السعرية التي ستترتب عليه من شأنها أن تضاعف المعناة المعيشية لملايين السكان ممن أصبحوا عاجزين عن تأمين الاحتياجات الحياتية الضرورية لهم ولأسرهم، وتجل الجوع يدخل إلى كل بيت يمني.
وفي قراءة للحيثيات التي استندت إليها الحكومة الموالية للتحالف ومجلسها الاقتصادي في اتخاذ هذه القرارات التي تمس السلع الأساسية والاستهلاكية، وبالتالي تؤثر على لقمة عيش المواطن القابع تحت وطأة أزمات متلاحقة منذ أعوام، فإن شحة الموارد التي نتجت عن توقف تصدير النفط الذي كانت عائداته تذهب إلى حسابات خاصة في بنوك خارجية، لا يمكن- بحسب اقتصاديين- أن يكون مبررا لاستهداف لقمة عيش المواطن بأي حال من الأحوال.
ويذهب المحللون إلى أن هذه القرارات التي رفضتها غالبية المكونات السياسية والحزبية والنقابية والتجارية والمجتمعية في طول البلاد وعرضها، تعد تصعيدا خطيرا على صعيد استخدام الاقتصاد كورقة في الحرب الدائرة في البلاد، حيث أن تلك القرارات تستهدف جميع اليمنيين، وهو الأمر الذي من شأنه أن يربك المشهد ويقوض المفاوضات الجارية وينسف كل تقدم فيها، ويعود بالمفاوضات إلى نقطة الصفر.
وفيما كانت المفاوضات قد توقفت عند النقطة الخلافية المتمثلة في تسخير عائدات النفط والغاز لصرف رواتب الموظفين اليمنيين وفق قوائم العام 2014، ومعاشات المتقاعدين في عموم البلاد، فيما كانت بقية النقاط المتعلقة بالملفين الاقتصادي والإنساني، قد تم الاتفاق عليها تقريبا، فإن القرارات الجديدة تعدُّ نكوصا عن تلك الاتفاقات، في حين كان الأكثر منطقية هو أن تسارع الحكومة الموالية للتحالف إلى الموافقة على تسخير عائدات النفط والغاز لصالح رواتب الموظفين ومعاشات المتعاقدين بدلا من استهداف لقمة عيش المواطن لتوفير موارد تعوض عن عائدات النفط الموقوفة.
ويذكر المحللون وخبراء الاقتصاد جملة من الإصلاحات البعيدة كل البعد عن الإضرار بالمواطن واستهداف لقمة عيشه، والتي كان الأحرى بمجلس العليمي والحكومة الموالية للتحالف اتخاذها لتوفير الموارد، ومنها على سبيل المثال تقليص البعثاث الدبلوماسية للحد الأدنى ووقف المنح الدراسية الخارجية، وإيقاف صرف الرواتب بالدولار وعلى جميع المسؤولين المهاجرين العودة إلى الداخل وإقالة من يرفض، تقليص عدد الوزارات للحد الأدنى ، مع إقالة جميع من تم تعيينهم بصورة عشوائية مخالفة للوائح والنظم والقوانين النافذة، وإغلاق حساب بيع شحنات النفط الخام اليمني لدى البنك الأهلي التجاري السعودي بالرياض فورا، والكشف عن مصارف موارد شركة طيران اليمنية ومصفاة عدن وأسطولها البحري، الكشف عن عائدات شركات الاتصالات الأرضية والمحمول في مناطق سيطرة هذه الحكومة.