اليمن الإقتصادي :

انتكاسات متلاحقة تعرضت لها العملة اليمنية منذ بداية الحرب التي تشهدها اليمن، لتفقد ما يزيد على 300% من قيمتها، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الحياة المعيشية لملايين اليمنيين، الذين تضاءل مستوى دخلهم مقابل ارتفاع أسعار السلع والخدمات جراء انهيار سعر العملة.

 

ومثَّل التردي الذي مُنيت به العملة اليمنية منذ بداية الحرب التي تشهدها البلاد، واحداً من أهم العوامل الفاعلة في المعاناة الاقتصادية والمعيشية لليمنيين، وذلك إلى جانب الحصار والقيود المفروضة على الواردات والصادرات، وكذا ما خلفته الحرب من تأثيرات على كافة مجالات الإنتاج في البلاد، وعلى بيئة الاستثمار والعمل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدل البطالة واتساع رقعة الفقر، بالإضافة إلى غيرها من العوامل المتداخلة، التي أدخلت الاقتصاد اليمني في حالة ركود تضخمي غير مسبوقة، وصل معها معدل التضخم السنوي إلى 45% خلال عام 2021، بحسب إحصائية صادرة عن الحكومة المعترف بها دولياً.

 

وبحسب تقرير صادر عن البنك المركزي بعدن، في مارس الماضي فإن معدل التضخم السنوي في اليمن ارتفع إلى 45% في نهاية عام 2021 مقابل 35% في 2020 مسجلاً أعلى مستوياته على الإطلاق في عام واحد، بينما شهد الميزان الكلي للمدفوعات عجزاً كبيراً مع استمرار الحرب الدامية في البلاد للعام الثامن على التوالي، مشيراً إلى ما أسماه "العوامل الداخلية" التي لعبت دوراً في التأثير على الأوضاع التضخمية في البلاد.

 

وأوضح التقرير أن منحنى المستوى العام للأسعار شهد نسقاً تصاعدياً خلال عام 2021 بلغ معدله نحو 111 بالمئة مقارنة مع 30 بالمئة في العام السابق، تحت تأثير تدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في سوق الصرف، والتي وصلت حينها لمستويات غير مسبوقة، لينعكس ذلك مباشرة على أسعار السلع الغذائية الأساسية المستوردة، والتي تمثل حوالي 90 بالمئة من إجمالي الغذاء المستهلك في اليمن.

 

وضمن مجموعة العوامل التي يأتي على رأسها التراجع الكبير في سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية خلال سنوات الحرب، قفزت أسعار كافة السلع والخدمات في السوق المحلية إلى مستويات قياسية، ففيما تشير التقديرات إلى أن الأسعار قفزت بنسبة 200% في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها سلطة صنعاء، فإن نسبة ارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً أكثر من 560%، وهو ما يعني تضاؤلاً مفرطاً لمستوى الدخل للمواطن أمام هذا التغوّل الكبير للأسعار، بحيث أصبحت مداخيل الأفراد لا تغطي أدنى الاحتياجات الحياتية الضرورية للأسر.

 

ومنذ بداية التراجع الحاد لسعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في عام 2018، وحتى الانهيار الكبير أواخر عام 2021، حيث بلغ الريال أدنى قاع له بأكثر من 1700 ريال أمام الدولار الواحد، وحالة التخبط هي السائدة لدى الحكومة المعترف بها والسلطة المالية التابعة لها، ممثلة بـالبنك المركزي بعدن، حيث يتواصل الحديث عن معالجات لتحسين سعر العملة والحد من التراجع، عبر إجراءات سطحية لا تلامس جذر المشكلة، بحسب ما يؤكده خبراء الاقتصاد .

 

وأياً تكن الإجراءات التي تتحدث عنها الحكومة المعترف بها والبنك المركزي بعدن الخاضع لها، تحت لافتة الحد من انهيار العملة وتحقيق استقرار في أسعار الصرف، فإن هذه الإجراءات لا تقترب مطلقاً من الأسباب الجوهرية للانهيار، والمتمثلة في الانقسام النقدي والمصرفي، وما قاد إليه من تضارب في الأنظمة المصرفية، في ظل التضخم في المعروض النقدي من النقد المحلي، الناتج عن إقدام الحكومة على طباعة أكثر من 3 تريليونات ريال من العملة المحلية، بدون غطاء نقدي، يضاف إلى ذلك ما لحق بموارد اليمن السيادية، من نهب وتعطيل وضياع، وعلى رأسها عائدات النفط والغاز، التي كانت تغطي قرابة 80% من الموازنة العامة للدولة، والتي تذهب إلى حسابات خاصة في البنك الأهلي السعودي، في ظل ما تعانيه الخزينة العامة من شحة في المخزون النقدي الأجنبي.