اليمن الإقتصادي :

 

يضاعف الشتاء القارس معاناة الأسر اليمنية، إذ حمل الصقيع مفاجأة لم يكونوا يتوقعونها بعد أن دخل أصحاب مزارع "القات" على خط سحب غاز الطهي من الأسواق بغية تدفئة هذه النبتة، تاركين الكثير من الأسر في دوامة البحث عن أسطوانات الغاز لإعداد الطعام ومواجهة البرد، ما يفاقم الصعوبات المعيشية في البلد الذي تشهد أسواقه انفلاتا منذ اندلاع الحرب قبل نحو سبع سنوات.

والقات نبتة خضراء من أوراق شجر تمضغ و"تخزن" في الفم ولها تأثير المخدر بدرجة متوسطة حيث تعطي شعوراً بالنشاط، ويتعاطاها اليمنيون بشكل واسع ويومي.

ومع بروز تجارة القات الرائجة بشكل واسع في اليمن، اتجه ملاك مزارع هذه النبتة إلى استخدام كل الأدوات والوسائل المتاحة للحفاظ على مزارعهم وشجرتهم المدرة للدخل والأموال الطائلة، وأخرها استخدام أسطوانات غاز الطهي المنزلي، وهو ما يلاحظ حالياً من حالة الاستنفار التي يمرون بها للحد من تبعات الشتاء القارس الذي يؤثر كثيراً على زراعة القات.

 

الحصول على أسطوانة غاز

يقول مواطنون من محافظات عدة إنهم يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على أسطوانات غاز الطهي، ما ضاعف معاناتهم ودفعهم للبحث عن بدائل لإشعال مواقدهم.

ويعاني اليمنيون من نقص غاز الطهي، خاصة خلال فصل الشتاء، إلا أنه يزداد حدة هذا العام، إذ لم يعد متوفراً سوى في السوق السوداء نظراً لتوسع الاستخدامات له، والتي لا تقف عند حدود مزارع القات، وإنما أيضا في باصات النقل متوسطة الحجم وغيره من الأنشطة.

وشهدت أسعار الغاز المنزلي ارتفاعات قياسية منذ اندلاع الحرب الأهلية في بداية عام 2015 بنسبة تفوق 470%، إذ لم يكن سعر الأسطوانة (القنينة) زنة 18 كيلوغراما يتجاوز 1925 ريالا، بينما تتجاوز حاليا 11 ألف ريال، بعد صعود الأسعار بشكل كبير خلال السنوات الماضية وتهاوي العملة الوطنية.

ويشير المحلل الاقتصادي، محمد الأصبحي، إلى أن الأراضي الزراعية في اليمن والتي يسيطر عليها بشكل رئيسي مزارعو نبتة "القات"، تأتي في طليعة الجهات المستهلكة للوقود.

ولفت الأصبحي، إلى أنه بخلاف الممارسات الأخيرة لاستغلال غاز الطهي في التدفئة يجري تشغيل مضخات آبار المياه بكميات كبيرة من البنزين والديزل.

في المقابل تستمر أزمة المشتقات النفطية في عدد من المدن اليمنية، حيث ألقت بظلالها على حياة المواطنين ومختلف القطاعات التي أصيبت بشلل شبه كامل بسبب نقص الوقود الذي شجع السوق السوداء على التوسع، إذ سجلت أسعار المشتقات النفطية طوال الفترة الماضية مكاسب تصاعدية بحيث بلغت ضعف مستوياتها بالمقارنة مع ما قبل الحرب.

وتظهر تقارير متخصصة أن الغاز المنزلي الذي تعمل شركة صافر الحكومية في مأرب على توفيره، شبة منعدم في 11 محافظة من بين 20 محافظة، بينما يتوفر بنسبة متوسطة في نحو 8 محافظات، رغم تغطية شركة صافر الحكومية في مأرب احتياجات الأسواق منه.

 

تدفئة مزارع القات

ولا ينكر مزارعو القات استغلال غاز الطهي في مزارعهم، إذ يقول عبد القوي العنسي، أحد ملاك مزارع القات في محافظة ذمار شمال اليمن، إن أصحاب المزارع يلجؤون للعديد من الوسائل للحفاظ على نباتاتهم، منها المحميات العازلة وأنواع خاصة من الأسمدة وكذلك أدوات التدفئة ومنها الغاز والشمع.

وعمدت كثير من مزارع القات في المحافظات التي تعتبر موطنا رئيسيا لزراعته وتجارته خصوصاً في شمال اليمن التي تشهد انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة، إلى وضع شموع على جنبات المزارع من مختلف الجهات، لتدفئة المزارع المتضررة من برودة الطقس.

لكن مع اشتداد البرودة منذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحث مزارعون عن أدوات تدفئة أخرى نظراً لعدم كفاية استخدام الشموع، إذ كان غاز الطهي المنزلي أنسب خيار فعال للمحافظة على المزارع من برودة الطقس.