اليمن الإقتصادي :

تراجعٌ في إنتاج الأسماك باليمن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بما مقداره 50% عن الفترة نفسها من العام الماضي، ذلك هو ما كشفته دراسة مسحية حديثة نفذتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية (فاو)، موضحة أن واحدة من كل اثنتين من أسر الصيادين في اليمن أفادت بتلك النسبة من الانخفاض، في ظل عوامل عدة في الواقع الذي خلقته الحرب وحالة عدم الاستقرار في البلاد، وما باتت تحيط بمهنة الصيد من مخاطر جراء تحول مساحات واسعة من السواحل اليمنية إلى مناطق عسكرية، يمنع على الصيادين مزاولة نشاطهم فيها، يضاف إلى ذلك ما بات يتعرض له الصيادون من تعسف، سواء من القوات التابعة للتحالف المنتشرة على امتداد المياه الإقليمية اليمنية قبالة السواحل الغربية والجنوبية للبلاد على السواء، أو من قبل القوات التابعة لدول تمتلك حدوداً بحرية مع اليمن، كما هو الحال مع إريتريا التي تحتجز بين فترة وأخرى أعداداً من الصيادين اليمنيين، وتقوم بمصادرة محصولهم من الأسماك ومعداتهم من قوارب وغيرها.

وإلى جانب تلك القيود المفروضة على أنشطة إنتاج الأسماك، وما يواجهه الصيادون اليمنيون في البحر، تبرز العديد من العقبات التي تضاعف من معاناتهم وتحد من إنتاج البلاد من الإسماك، ومنها أزمات الوقود، وافتقار الصيادين إلى مدخلات الصيد من أدوات ومعدات، بالإضافة إلى تراجع الطلب في السوق المحلية نتيجة الأزمة الاقتصادية، وتدني القدرات الشرائية للمواطنين، حيث أدت سبل العيش المعطلة وفرص الدخل الشحيحة إلى تقليص القدرة الشرائية للأفراد بشكل متزايد.

وبحسب أحدث بيانات متوفرة مـن وزارة الثروة السمكية، هناك حوالي 90 ألف صياد مرخـصين فـي البلاد، ويبلغ عـدد القوى العاملة في أنشطة الصيد، والأنشطة ذات الصلة بالصيد حوالي 500 ألف شخص يعيلون قرابة 7.1 مليون نسمة.  

تشير التقديرات إلى أن إنتاج اليمن مـن الأسماك والأحياء البحرية يبلـغ سنوياً حوالي 200 ألف طن قبـل اندلاع الصراع، حيـث تـم تصدير ما بين 40% إلى 50% من إجمالي الإنتاج، ما أدر عائدات تقـدر بحوالي 300 مليون دولار.

وأظهرت أحدث البيانات التي نشرتها وزارة الثروة السمكية عام 2012، أن قطاع الأسماك ساهم بحوالي 3% من إجمالي الناتج المحلي، وشكل ثاني أكبر مصدر لإيرادات التصدير بعد النفط.

وخلال الأشهر الأخيرة كانت أزمة الوقود هي العامل الحاسم في تدني إنتاج الأسماك في اليمن، حيث أجبرت تلك الأزمة الكثير من الصيادين إلى تجميد نشاطهم، والانصراف للبحث عن سبل أخرى للعيش، بعد أن باتوا غير قادرين على توفير الوقود اللازم لقواربهم في رحلة قد تستمر لأيام في عرض البحر، في حين أن شراء الوقود من السوق السوداء يكلفهم مبالغ كبيرة، قد لا يكفي محصول الرحلة لتغطيته.

وبحسب صيادين فإن قارِب الصيد يستهلك في رحلته اليومية ما بين 350 ـ 450 لتراً من البترول أو الديزل، في ظل ارتفاع أسعارها في السوق السوداء لتصل ما بين 800 - 850 ريالاً للتر الواحد، مقارنة بـ 295 ريالاً سعر البيع الرسمي.

وبسبب أزمة الوقود فإن الكثير من الصيادين الذين لا يتمكنون من توفير ما يحتاجونه من الوقود لقواربهم يلجأون إلى أي مالك قارب يخرج للصيد كي يحملهم معه على متن قاربه، ما يجعل عدد الصيادين على متن القارب يتضاعف إلى الحد الذي يعجز معه عن الإبحار.

 ونتج عن أزمة المشتقات النفطية المتفاقمة هناك، عدة أزمات ضاعفت من معاناة اليمنيين؛ فارتفعت أسعار المواد الغذائية وأجور المواصلات وخدمات الكهرباء والمياه وغيرها؛ الأمر الذي يُهدد كثيراً من قطاعات العمل والخدمات بالتوقف، وبخاصة تلك التي تعتمدُ على المشتقات النفطية كالزراعة والصناعة والصيد وغيرها.

وأفاد صيادون وملاك قوارب صيد، إنهم باتوا يضطرون، للخروج إلى الصيد خلسة؛ تجنباً للإحراج الذي يتعرضون له من زملائهم الذين تدفعهم أزمة المشتقات النفطية المتفاقمة إلى اللجوء لأيّ قارب يخرج للصيد، لدرجة يصل عددهم أحياناً في القارب الواحد لنحو مئة صياد، بينما القارب، الذي يبلغ طوله 14 متراً، سيعجزُ عن الإبحار بهذا العدد، ما يجبرهم على إلغاء رحلة الصيد من أساسها.

ويمنع التحالف وصول إمدادات النفط إلى ميناء الحديدة منذ أشهر، حيث أفادت شركة النفط اليمنية بصنعاء، في تصريحات لوسائل الإعلام، أنه ومنذ بداية العام لم يدخل إلى ميناء الحديدة لتر واحد من المشتقات النفطية، عدا سفينة محملة بـ 29 ألف طن من مادة الديزل، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى 3 سفن أخرى تابعة لمصانع القطاع الخاص، وهي الكمية التي أكدت شركة النفط بصنعاء أنها لا تغطي سوى 8% من الاحتياج في السوق

وكانت حكومة صنعاء، قد ذكرت أن الخسائر التي لحقت بالقطاع السمكي جراء الحرب وما رافقها من حصار بلغت 10 مليارات دولار، خلال السنوات الست من عمر الحرب التي تشهدها البلاد .