اليمن الإقتصادي :

 

يمر قطاع الصيد في اليمن بفترة عصيبة مع اختلال توازنه في ظل توقف عملية الاصطياد الرسمية في المواقع التقليدية المعتادة، وانهيار عدد من المشاريع السمكية في مختلف مناطق اليمن البحرية، فيما برز الصيد الجائر أخيراً كإحدى الظواهر التي يلاحظ تمددها وانتشارها في أغلب سواحل اليمن ومناطق الاصطياد السمكي.

وتقدر تقارير اقتصادية رسمية إجمالي الخسائر بأكثر من 9 مليارات دولار، منها الأضرار المباشرة الناتجة عن الصيد الجائر الذي يعاني منه اليمن وقيمتها 4 مليارات دولار، بالإضافة إلى نحو 3 مليارات دولار خسائر ناتجة عن تسببه في توقف مشاريع سمكية وأضرار أخرى.

كما تشير التقارير إلى أضرار بيئية للاصطياد المخالف من سفن الصيد الأجنبية والمحلية غير المرخصة تصل إلى نحو ملياري دولار ما بين خسائر ناتجة عن رمي الأحياء المرتجعة وتأثيرها على الشعاب المرجانية وتكلفة أضرار في المخزون السمكي المستقبلي نتيجة صيد الأسماك الصغيرة.

ويقول مسؤول سابق في الاتحاد التعاوني السمكي العام في اليمن، محمد عبد الله راوح، إن الصيد الجائر والتقليدي مشكلة مزمنة في اليمن يعاني منها منذ ما قبل الحرب والتي توسعت مع غياب دور المؤسسات الحكومية المعنية بهذا القطاع.

ويوضح أن ما يصل إلى 90% من إنتاج اليمن يأتي من عملية الاصطياد التقليدية البدائية، حيث كان هناك تقاعس كبير من قبل الجهات الحكومية في الحد منه لارتباط نافذين بهذا القطاع والذين ساعدتهم الحرب كثيراً بعد ذلك واستغلوها في اتجاهات مختلفة، تركز جانب مهم منها في التعامل مع جهات خارجية منها ما يتبع دول التحالف والذي يلاحظ من خلال انتشار سفن اصطياد مجهولة في معظم سواحل ومناطق الاصطياد في اليمن.

ودار في اليمن خلال السنوات الماضية جدل واسع في هذا القطاع الاقتصادي الواعد، بسبب عدم استغلال المناطق المخصصة للصيد التجاري والتي كانت غير مستغلة للصيد التقليدي.

وفي ظل اعتماد اليمن على مورد اقتصادي وحيد والمتمثل في النفط والغاز، كان هناك ضعف وعجز في تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى لتنويع الموارد العامة المحدودة، إذ لا يمثل القطاع السمكي أكثر من 3.5% من الناتج القومي في اليمن.

فضلا عن عدم إجراء أي تقييم للمخزون السمكي في اليمن منذ عقود لمعرفة حجم الثروة التي تمتلكها البلاد، إضافة إلى ضعف المنظومة القانونية للصيد والذي حد من وجود بيئة استثمارية ناجحة لتطوير هذا القطاع في اليمن.

وخسر اليمن الذي يعاني من أزمة إنسانية متفاقمة وفقر وبطالة نحو 300 مليون دولار عائدات الصادرات السمكية سنوياً، بعد تراجعها بشكل كبير إلى أقل من 40 مليون دولار قيمة الصادرات من الأسماك والأحياء عبر منافذ التصدير المحدودة العاملة في البلاد.

ويرى الباحث الاقتصادي، حسام السعيدي، أن اليمن غرق في العقدين الأخيرين في المشاكل السياسية والأمنية وانعدام الاستقرار وهو ما أفقد البلاد القدرة على تنمية القطاعات الواعدة مثل القطاع السمكي والذي اجتاحه فساد واختلالات تسببت في هدر موارده وتبديد إنتاجيته، إذ ظل اليمن ينتج نسبة محدودة وضئيلة مقارنة بالثروة المتوفرة.

وأكد السعيدي، أن هدر الصيد حدث نتيجة للإهمال وعدم توظيف هذا القطاع بصورة أمثل في المنظومة الاقتصادية ورفع إنتاجيته، والحد من الفوضى والعشوائية والممارسات السلبية كالصيد الجائر وغيرها من الممارسات التي أدت إلى ضعف الصادرات اليمنية طوال السنوات الماضية والتي كانت نسبة تأثيرها ضئيلة في الناتج الإجمالي المحلي رغم امتلاك البلاد لسواحل يصل طولها إلى نحو 2600 كيلومتر.

أخيراً، كانت هناك اجتماعات ومناقشات في المناطق الساحلية الغربية لليمن، بُحِثت فيها طرق مكافحة الصيد الجائر ومنع الاحتكار في قطاع الاصطياد السمكي من خلال إنشاء أسواق متعددة، ومعالجة أوضاع الصيادين وزيادة العملية الإنتاجية، إضافة إلى تطوير الأبحاث العلمية التي تعنى بالبيئة البحرية والأسماك وتنوعها واختبار أنواع جديدة من الأحياء البحرية في إطار رفع العائدات من المنتجات البحرية واستيعاب الأسواق اليمنية لها من خلال بناء وتشييد الأسواق بالمحافظات.

وضاعفت الحرب مأساة ومعاناة هذا القطاع، إذ تسببت في تضرر أكثر من 30 ألف صياد في معظم المناطق الساحلية اليمنية، إلى جانب تدني نسبة متوسط الاستهلاك من الأسماك سنويا للفرد الواحد على مستوى اليمن بنسبة 80% حيث كان متوسط ما يحصل عليه الفرد 14 كيلوغراماً سنوياً حتى وصل إلى 2.5 كجم سنوياً.