اليمن الإقتصادي :

 

في العام 2019، أُعلن عن تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)"، على يد إسرائيل و مصر و الأردن و قبرص و اليونان و إيطاليا و فلسطين، تحت مراقبة أمريكا و الاتحاد الأوروبي و البنك الدولي. كان الأمر بالنسبة لإسرائيل حافزًا لتحقيق أهدافها المتمثلة في أن تكون منتجاً ومصدّراً للطاقة لا مجرد مستورد لها، حيث بدأت الطموحات الإسرائيلية منذ العام 2009 عندما تم اكتشاف حقول غاز طبيعي في مياه البحر المتوسط، بما فيها المياه الإقليمية الفلسطينية التي تحتلها  تل أبيب. ومنذ ذلك الوقت لعبت إسرائيل دوراً في التسويق لغازها في السوق الدولية مع تركيزها على غاز شرق المتوسط الذي هو محل الاهتمام الدولي.

في المعركة الأخيرة استهدف الفلسطينيون بُنية الطاقة الإسرائيلية وتم الإعلان عن استهداف مشروع أنابيب "إيلات-عسقلان" بعشرين صاروخاً، وكذا منصات الغاز الطبيعي الإسرائيلية في مياه شرق المتوسط، وتحدَّثت تقارير عن كون الاستهداف كان متعمداً من الجانب الفلسطيني لإدراكه الأهمية الاستراتيجية لملف الغاز بالنسبة للكيان الإسرائيلي، ليتم بعدها استهداف حقل الغاز الطبيعي "تمار" قبالة سواحل عسقلان بالقرب من قطاع غزة.

بالعودة إلى بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن حوض الشام فقط – الواقع بين فلسطين و لبنان و سوريا وقبرص – يضم 120 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي القابل للاستخراج، بالإضافة إلى 1.7 مليار برميل من النفط. تلك الاكتشافات الكبرى لاحتياطات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط جذبت اهتمام عدد من الدول لتوسيع النفوذ والسيطرة على الموارد، وبالتالي فقد كانت سبباً للصراع الإقليمي الذي تجلَّى في خلافات تركيا واليونان المدعومة من فرنسا، إلى درجة أن الصراع كاد يحتدم عسكرياً، فضلاً عن النزاع الذي تجدد بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية.

ووفقاً لبيانات سابقة لـ "بقش"، فقد نبعت من تلك الصراعات التي أنتجتها تلك الاكتشافات، تحالفات على غرار "منتدى غاز شرق المتوسط"، بهدف التعاون بين الدول المنتجة والمستوردة للغاز. وكانت أولى عمليات التصدير الإسرائيلية للأردن ومصر، كما خططت إسرائيل لمشاريع بنية طاقوية بهدف إيصال غازها إلى أوروبا من خلال خط أنابيب "إيستميد" عبر قبرص واليونان بطول 1900كم تحت البحر، وحتى شبكة الغاز الأوروبية عبر إيطاليا بتكلفة 6 مليارات يورو، إلا أن المشاريع التي تضمنت تشغيل حقول المتوسط تعرضت لتعقيدات اقتصادية وتهديدات أمنية، ما دفع بعض الشركات العالمية الكبرى إلى التراجُع عن الاستثمار بعيد الأجل في الحقول المعرضة للخطر العسكري بحكم وجود خصوم لدولة الاحتلال، وفقاً للتقارير.

عززت إسرائيل لهذا السبب من قوتها البحرية بمعدات أبرزها السفينة الحربية "ساعر6" الألمانية التي وصلت أولى وحداتها في نهاية 2020 ضمن صفقة سفن أبرمتها إسرائيل مع ألمانيا في منتصف 2015 بقيمة 480 مليون دولار. يومها قال متحدث الجيش الإسرائيلي إن هدف هذه السفينة هو تشكيل حصن بحري منيع لحماية المياه الإقليمية الإسرائيلية ومواردها الاستراتيجية.

لكن المعركة الأخيرة صوَّبت الأنظار نحو فشل هذه الإمكانيات البحرية في المحافظة على حقول الغاز، وبدا ذلك من خلال تعطُّل حقل تمار (توجد فيه نحو 9.1 تريليون قدم ‏مكعب من احتياطات الغاز) وإغلاقه بشكل مؤقت من قبل شركة شيفرون الأمريكية المشغلة له لمدة 9 أيام، قبل أن تعلن إعادة فتحه مع سريان اتفاق التهدئة.

ضربات الصواريخ الفلسطينية أحدثت ضرراً على الدور الإسرائيلي كلاعب في سوق الطاقة العالمية، في ظل تكهنات بمعاودة الفلسطينيين قصف حقول الغاز في حال تجددت المواجهات، وبالتالي تراجُع الشركات عن الاستثمار في بنية حقول الغاز الإسرائيلية، كما أن "حقل غزة مارين" – قبالة سواحل القطاع – قد تتنازل إسرائيل بالسماح بتطويره، والذي يحتوي على احتياطي غاز بمقدار 1.2 تريليون قدم مكعب، مقابل تراجع الفلسطينيين عن استهداف الحقول الإسرائيلية.