اليمن الإقتصادي :

المسيرة الإيجابية في الحياة تصنع بالعزيمة، وترتقي بالفعل الجاد والإضافة النوعية من خلال الاندماج والمساهمة والامتزاج التلقائي بالمجتمع، وتجاوز كل المعوقات. في هذه المساحة نستعرض سيرة حياة كُتاب وفنانين ومبدعين من أصحاب الهمم، ارتبطت أسماؤهم بتجاوز العوائق والقدرة على التفوق والتألق.
حصل على العديد من الجوائز والاوسمة  بوصفه علامة في الشعر العمودي الحديث، حيث قدم القصيدة العربية بوجه جديد وبروح عصرية، وآلف بين الإيقاع العريق والتحديث اللغوي، فجمع بذلك بين مزايا العمودية ومكتسبات الحداثة، فهو رمز لهذا النوع من الإنجاز الشعري المعاصر.

إصابته بالعمى
ولد البردوني عام 1928 في قرية البردون بمنطقة الحدأ بمحافظة ذمار (150 كيلومترا جنوب العاصمة) وأصيب بالعمى وهو في الرابعة من عمره إثر إصابته بمرض الجدري الذي ظل يعاني منه مدة عامين.  بدأ البردوني ينظم الشعر وهو في سن الثالثة عشرة وتلقى تعليمه الأولي في كتّاب القرية، ثم انتقل إلى «ذمار»، حيث درس العلوم الدينية واللغوية في المدرسة الشمسية، وانتقل بعد ذلك إلى صنعاء حيث واصل دراسته في المدرسة العلمية ودرس فيها العلوم ذاتها على يد عدد من كبار علماء اليمن في ذلك الحين. 

«من أرض بلقيس»
للبردوني 26 كتاباً منها 15 ديواناً صدر أولها بعنوان «من أرض بلقيس» عام 1961 وكان آخر كتاب قد حمل عنوان «أشتات»، الذي ضم مجموعة من مقالاته المنشورة في الصحف اليمنية ليكون بذلك الكتاب الثامن للشاعر والذي صدر خارج اليمن ومنع رقابيا داخل الأراضي اليمنية، بجانب «العشق مرافئ العمر» و«شابت قرناء»، إضافة إلى مجموعة من الكتب التي أرخت للتطورات الاقتصادية والسياسية التي شهدها اليمن منذ العهد الملكي وحتى نهايات القرن العشرين. 
ترأس البردوني اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فترة طويلة وشارك في عشرات المهرجانات العربية والعالمية وكرم فيها أكثر من مرة، وإلى جانب الشعر قدم البردوني الأعمال الإذاعية ويعتبر صاحب أطول برنامج إذاعي في تاريخ الإذاعة اليمنية، وحمل البرنامج عنوان «مجلة الفكر والأدب»، وعلى مدى السنوات التسع المنصرمة كانت له صفحة ثابتة في صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية، ومنذ عام 1995 انتظم في الكتابة مع ملحق الثورة الثقافي في اليمن. 

اليمن وشعراؤها
البردوني الشاعر والمثقف العربي الكبير في مستهل كتابه المرسوم «رحلة في الشعر اليمني قديمه، وحديثه» كتب البردوني عن اليمن وشعرائها، فجمع كل اليمن حاضرها وماضيها بقطعة رائعة من النثر الفني، لتكون استهلالاً لهذه الرحلة مع واحد من كبار شعراء اليمن.

ترابط عضوي
لا يختلف اثنان من الباحثين في الشعر العربي الحديث على كون البردوني واحداً من أهم الشعراء العرب المعاصرين، كما لا يختلف اثنان أيضاً على أن البردوني استطاع أن يمسك العصا من نصفها كما يقولون، فهو لم يترك القصيدة البيتية، وفي نفس الوقت أجرى فيها الكثير من الإضافات والتطويرات المميزة، وحافظ على هذه الميزة، حتى إن جمهرة النقاد ومنهم د. عبدالعزيز المقالح أطلقوا عليه لقب الشاعر الكبير. 
كتب عن البردوني العديد من النقاد، ومنهم الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي يجد في شعره تجاوزاً للمعارف التقليدية، ويضيف «خضع شعرنا العربي في معظمه لهذه الظاهرة يقصد بها المقاييس المعمارية في القصيدة العربية التي نشأت معه، وكثير من الشعراء العموديين المعاصرين لا تخلو أشعارهم من الخضوع للشكل القديم، والرضوخ لبنيته المفككة، لكن شاعرنا البردوني تمكن من إيجاد الترابط العضوي من أبيات قصيدته العمودية، لا من خلال تلك الأدوات التقليدية، ولا من خلال وحدة الموضوع وتكرار حروف الروي فحسب، ولكن من خلال تناسق وانتظام البنية اللغوية والإيقاع الصوتي، غير المتعمد». 

تمرد
وتمرد عبدالله البردوني على قوالب الشعر المتوارثة، وانتقل بشعره إلى أساليب فنية غير مطروقة، وامتاز بقدرته على التصوير الفني، فإن لصوته أيضاً خصوصية متميزة إلى جانب أساليبه الجمالية في الشعر. 
وتوفي البردوني في 30 أغسطس 1999م.